احلى و اوفى حب

كنت أراقبهما باستمرار أمضيا فصل الخريف معا لا يكاد أحدهما يفارق الآخر يذهبان في الصباح الباكر و يعودان آخر النهار زوجين متحابين لا يغيران مكان مبيتهما و قد اختارا اعلى شجرة النارنج الصغيرة _التي حملت أول مرة في هذه السنة _لتكون عشا لهما لا يكترثان لي او لغيري من أهلي عندما نكون على مسافة قريبة منهما فقد ألفانا و ألفناهم و كنت عندما يجافيني النوم أذهب الى شجرة النارنج لأتفقدهما وألقي عليهما نظرة فيردان علي نظرتي بنظرات
اذا تحركت يمينا أتبعوني عيونهم و إن شمالا فعلوا كذلك كنت آنس بهما على الرغم أنهما على ما يبدو لم يكونا يبادلاني نفس الشعور فأنا بالنسبة لهما مجرد بشري متطفل يفسد عليهما ليلتهما و سهرة الحب و الأنس
لكنهما في نهاية المطاف اعتادا على وجودي و ترددي عليهما
الى أن جاء فصل الشتاء....
و ما أدراك ما فصل الشتاء ذلك الفصل الذي كنت سابقا أحبه لكنني لم أعد كذلك فقد أصبح فصل الأحزان و الأوجاع فصل البرد و قسوة الطبيعة فصلا بلا قلب و بلا مشاعر ككثير من بني البشر بت أتمنى أن ينتهي سريعا و أن يأتي الربيع مبكرا هذه السنة
مع انتهاء موجة البرد القاسية و بداية السنة الجديدة لم اعد أراى الا يمامة واحدة تتردد على شجرة النارنج فقلت في نفسي على سبيل الدعابة لعلهما في مشاجرة عائلية و مضى يوم و يومان و اكثر و بقيت اليمامة تذهب و تغدو وحيدة لكنها لا تطيل المكوث فسرعان ما تغادر لا أعرف ان كانت هي أو هو فهما يشبهان بعضهما و من الصعب التمييز بينهما صارت عندما أقترب منها تفزع و تطير أعلى الدار لم تعد تشعر او لم يعد يشعر بالأمان و الاطمئنان فالصاحب ذهب و بقي منه الذكرى و مكانه الخاوي حزنت لحزن هذا الطائر الوديع لأني أعلم أن الفراق قاتل وأن الوحدة صعبة لكنها سنة الحياة نحب ثم نفارق مكرهين أو مضطرين راضين أو غير راضين
ذهبت قبل قليل لأتفقد طائر اليمامة و اقتربت منه لكنه لم يفزع بل على العكس لم يعرني أي اهتمام و لم ينظر ناحيتي أو على الاقل لم يغير الجهة التي كان ينظر اليها كما كان يفعل سابقا ربما قد بلغ الحزن مداه في القلب كما بلغ في قلبي
سبحان الله الطيور تألف و تحب و البشر كذلك لكن الطيور تخلص في الحب و ليس كل البشر كذلك .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق